محمد هاشم بن رشيد الخطيب الحسني

نشر بتاريخ: الإثنين، 09 آذار/مارس 2020 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

طالب الفرنسيين بالرحيل ودعا السوريين للجهاد ضد المستعمرين

(1307/1890 ـ  1378/1958)

عالم مجاهد، من رواد الصحافة الإسلاميّة في سورية، أحد قادة الجهاد السوري والنضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، وأحد زعماء الاستقلال.

ولد في مدينة دمشق، نشأ في عائلة علمية متدينة، برز منها عدد من أفاضل العلماء، تربى على أبيه شيخ دمشق وخطيبها. 

وتلقى علومه الدينية واللغوية على علماء الشام، ونال إجازاتهم العلمية، على عادة علماء عصره، وقرأ كثيراً من كتب الفقه والأدب، وكان محدث الديار الشاميّة الشيخ بدر الدين الحسني من أبرز مشايخه. 

 

اشتغل بالتدريس في مكتب عنبر، أحد أعرق مدارس دمشق، والإعدادية السلطانية، وخطب الجمعة في جامع السنانيّة (نسبة إلى سنان باشا)، ووعظ بالجامع الأموي، والتكيّة السليمانية، وغيرها من مساجد الفيحاء، وعين أستاذاً في الكليّة الشرعيّة بدمشق بعد تأسيسها.

أصدر رسائل عديدة، دعا فيها الشعوب الإسلاميّة إلى التمسّك بالآداب والفضائل الإسلاميّة، والمحافظة على العقيدة، ودعا إلى تحكيم الشريعة المحمديّة في شؤون الحياة، وحذر من دعاة الفساد والمبادئ المستوردة. 

ورفض الاستعمار، وطالب الفرنسيين بالرحيل عن البلاد السورية، ودعا السوريين للجهاد ضد المستعمرين. 

وأسهم في تحرير مجلة (البعث) التي صدرت عن جمعيّة (التهذيب والتعليم) سنة 135/1931، وترأس تحريرها الشيخ محمد علي الطنطاوي، ومجلة (الحقائق) التي أصدرها عبد القادر الإسكندراني في سنة 1328/1910.

شارك في العمل الوطني والدعوي، وكان أحد مؤسّسي (الجمعية الغراء) التي كانت بمثابة احتجاج ضد سياسة الانتداب الفرنسية في مجال التربية والتعليم، وكافحت الجمعية من أجل تدريس الدين الإسلامي وقامت بتأسيس مدارس دينية خاصة، يتم التدريس فيها من جانب العلماء، وقد مارست الجمعية في ما بعد نشاطاً سياسياً لافتاً بخاصة بعد نهاية الانتداب الفرنسي وخلال فترة الانتخابات المتتالية حيث كان لها نفوذ واضح داخل الوعي الجمعي الدمشقي وتأثير مهيمن في سلوك المجتمع وتقاليده حتى وصفتها الخارجية البريطانية في أحد تقاريرها لعام 1942 بـ (الحزب السوري).

وقبل أن يشعل الشيخ بدر الدين الحسني شرارة الثورة السوريّة التي انطلقت من الجامع الأموي، ـ وليس كما نقل إلينا من تزوير التاريخ المعاصرـ مهّد لها بجولته في المدن السورية من دمشق إلى حلب، ماراً بحمص وحماه وما بينهما من قرى وبلدات، وكان الشيخ هاشم الخطيب والشيخ علي الدقر، معه في جولته يحثّون الشعب على الجهاد ومقارعة الاستعمار، فيما دعي (نهضة المشايخ) فكان يعظ الناس، ويأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويشرح آية الجهاد. 

وعندما احتل الفرنسيّون دمشق جعلوا من جامع تنكز مدرسة عسكريّة، ذهب الشيخ ووراءه تلامذته والأمة من ورائهم إلى المسجد فقال لهم: هذا مسجد، والمساجد للصلاة، وقد جئنا نصلي فيه، فكم يكفيكم من الأيام لتخلوه لنا ؟ فأخلي وعاد مسجداً كما كان. 

وحض الناس على عدم دفع الضرائب للفرنسيين، أو التعامل معهم، وأعلن فرضية الجهاد، في مجالسه الخاصّة والعامّة. 

وكانت دمشق تلجأ إليه كلما ادلهمت الخطوب، وتفزع إليه كلما حاق بها اليأس. 

ومن أبرز ما ينسب إليه في هذا الميدان، تفقده أحياء الملل والطوائف غير الإسلاميّة في أيام الثورة، في وقت شاعت فيه شائعة خبيثة روّجها دعاة السوء، وأبواق الفرنسيّين، وهي أن الثوار يريدون الاعتداء على الحي المسيحي، فكان لزيارته معنى رائعاً يرمز للتضامن بين المسلمين والمسيحيين.  

وتحدث الشيخ محمد أديب الصالح عن مناقبه وكان من تلاميذه فقال: كان مشايخنا مثالاً في الأدب والحشمة والصَّون والستر، وكان الشيخ هاشم أصم، وكان من كبار مدرّسي البلد في الأموي تحت قبة النسر، ولآل الخطيب حصة مع آل الاسطواني في المنبر، ووصلنا في دراسة الفقه الشافعي معه إلى كتاب الحج، ولما وصلنا إلى باب الحيض صار يعطينا مسائل وتطبيقات لمدة أسبوعين، ولم نخلص من الوظائف، فقلت لرفاقي: إن الشيخ يريد أن يعلمنا حتى إذا استفتينا في يوم ما كان جوابنا صحيحاً، ولم نجرؤ على الكلام مع الشيخ في إنهاء تلك الوظائف. 

وذكر المؤرّخ عبد العزيز العظمة أنّه بعد انتشار السفور في البلاد الشاميّة نهض الشيخ هاشم الخطيب، وأخذ يعظ الناس، ويحث النسوة على التستر المشروع، ويحبب إليهن الإزار الأبيض الذي كنّ يستعملنه فيما سبق، ويشبههن بطيور الجنة، وقد أقبلت عليه الكثيرات، وشرعن يتأزرن بالمآزر البيضاء ويضعن على وجوههن الخمر (المناديل) ورعاً وتقوى.

وكان شاعراً مقلاً فائق النظم، له قصائد جياد في الشعر الديني ومنها قصيدة: صلّوا على موفي العهود ومطلعها: 

صلّوا على موفي العهود

خير الورى سرّ الوجود

 

وبشّروا كلّ الوفود

بجود طه العربي

 

يا قاصداً ملجا الورى

أبشر بلغت الوطرا

 

إذ قد نزلت زائراً

طه النبي العربي

 

وكان وقّافاً عند حدود الله، فعندما قامت فتنة الطريقة التيجانيّة واشتد الخلاف حولها في الشام، وشاع عن شيخها التيجاني أقوال متعددة تخالف صريح الكتاب والسنة وأذكار ودعوات زعم أنها أفضل من القرآن وأدعية الرسول ومال بعض العلماء إلى مسايرته، وقف العلامة الشيخ هاشم الخطيب  رحمه الله مع أنه  صوفي المشرب موقفه المشهور وأقام النكير على التيجاني وطريقته، وكل من يجامله حتى أداه ذلك إلى الاختلاف مع رفيق دربه في العلم والدعوة الشيخ علي الدقر رحمه الله.

__________________________________________________________

(1) من هم في العالم العربي ج 1 س 1957 ص 222 تحرير مكتب الدراسات السورية والعربية. (2) صحافة الصحوة الإسلاميّة ص 30 و 32 محمد علي شاهين. (3) الإسلام في سوريّة، حوار مع الشيخ محمد أديب الصالح. (4) بدايات سفور المرأة في العالم الإسلامي، سليمان بن صالح الخراشي، نقلاً عن مرآة الشام للمؤرّخ عبد العزيز العظمة. (5) جريدة الحياة 1/9/2007 مقال: العلاقة المبكرة بين الدين والدولة كما تبدو في سوريّة الحديثة. (6) الهدى كم، تاريخ 26/3/2007، مقال: لبست مشكلة الجفري وحده، عبد القادر الخطيب. (7) معجم البابطين لشعراء العربيّة سيرة الشاعر محمد هاشم الخطيب.

أعلام الصحوة الإسلاميّة: ........................................................................ محمد علي شاهين.

 

الزيارات: 2253