الكسائي
المؤدّب الذي كان الأمين والمأمون يضعان حذاءه بين يديه
أبو الحسن بن علي بن حمزه بن عبد الله بن عثمان
(119/ 737 ـ 189/804)
أحد القراء السبعة المشهورين، انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد حمزة الزيات ، وكان إماماً في النحو والعربيّة، من أهل القراءة، وهي كانت علمه وصناعته.
أدّب ابني الرشيد الأمين والمأمون، وكان يؤمّه في الصلاة، وكانت له منزلة رفيعة عنده، ونال جاهاً ومالاً.
ولد بالكوفة وبها نشأ، حفظ القرآن مشافهة بالتلقّي عن قرّاء الكوفة، ثم خرج إلى البصرة، ولزم حلقة الخليل بن أحمد، واستوطن بغداد،
أصله من أولاد الفرس بسواد العراق، مولى بني أسد، لقّب بالكسائي لأنه أحرم في كساءٍ.
أخذ القراءة عن حمزة الزيات، وابن أبي ليلى، وعيسى بن عمر الهمذاني، وقرأ النحو على معاذ بن مسلم، والخليل بن أحمد، لازم معاذا الهراء والرؤاسي حتى حصل ما عندهما من نحو، وكان لهم أثر كبير في تكوينه العلمي.
قال الفضيل بن شاذان : لما عرض الكسائي القراءة على حمزة خرج إلى البدو فشاهد العرب، وأقام عندهم حتى صار كواحد منهم ، ثم دنا إلى الحضر وقد علم اللغة .
وفي تاريخ ابن كثير : أخذ الكسائي عن الخليل صناعة النحو فسأله يوماً عمن أخذت هذا العلم، فقال له الخليل من بوادي الحجاز.
فرحل الكسائي إلى هناك فكتب عن العرب شيئاً كثيراً ثم عاد إلى الخليل فوجده قد مات
وتصدر مكانه يونس بن حبيب، فجرت بينهما مناظرات، أقر يونس للكسائي فيها بالفضل وأجلسه في موضعه .
ولما رجع من البادية استقدمه المهدي واستخلصه لنفسه، ثم أقامه هارون الرشيد مؤدبا لولديه، كان يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا.
قال ابن الأعرابي كان الكسائي أعلم الناس، ضابطا عالما بالعربية، قارئا صدوقا،
ألف نحو عشرين كتابا منها: (معاني القرآن) و(القراءات) و(النحو) و(مقطوع القرآن وموصوله) و(النوادر الكبير) و(الهجاء) و(المصادر) و(الحروف) و(الهاءات) و(العدد واختلافهم فيه) و(الحدود في النحو) وغيرها.
وعرف الكسائي بتواضعه ولطفه، ومما يؤثر عنه: أنه كان مع الأمين والمأمون يؤدّبهما، فأقبل الرشيد عليه وهو لا يراه، فقام الكسائيّ، ليلبس نعله، لحاجة يريدها، فابتدرها الأمين والمأمون، فوضعاها بين يديه، فقبل رءوسهما وأيديهما، ثم أقسم عليهما ألا يعاودا، فلما جلس الرشيد مجلسه، قال: أي الناس أكرم خادما؟ قالوا: أمير المؤمنين، أعزه الله! قال: لا، بل الكسائيّ، يخدمه الأمين والمأمون ... وحدّثهم الحديث.
توفي والقاضي محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة في يوم واحد، وهما بصحبة الرشيد بقرية ( رنْبَوَيْهْ) من أعمال الري متوجهين إلى خراسان.
______________________________________________________________
(1) البلغة ص 156 محمد بن يعقوب الفيروز أبادي. (2) غاية النهاية ج 1 ص 535 محمد بن محمد الجزري. (3) بغية الوعاة م 2 ص 162 جلال الدين السسيوطي. (4) تاريخ الأدب العربي ص 367 أحمد حسن الزيات. (5) شذرات الذهب ج 1 ص 321 عبد الحي بن أحمد ابن العماد العكري. (6) سير أعلام النبلاء ج 9 ص 313 شمس الدين محمد الذهبي.
الزيارات: 1559