والفجر وليال عشر
أهلت بالنور والرحمة وغيث المغفرة وندى الجود الرباني، ليال عشر ،أقسم بها رب العزة ليبين لنا كرامتها عنده، وخيريتها في الليالي ،قائلا سبحانه ،[والفجر وليال عشر] وانطلقت التوجيهات النبوية الكريمة، تؤكد طيب لياليها المنيرة بالقيام والقرآن ،وبهاء نهارها بالصيام والعمل الصالح، [ما من أيام العمل الصالح فيهاخير وأحب إلى الله من هذه العشر].
إضافة غفرانية أخرى، تضاف إلى الرحمات الندية ،التي يتفقدنا بها ربنا جل وعلا على مدار العام، في موسم عبادي رائع النسمات واللفتات بهي المعاني، فمن الذكر إالى الصيام إلى القيام وصلة الرحم والصدقات الخفية التي تخرجها الأيمان ولا تعلم بها الشمائل تبتغي فضلا من الله ورضوانا ، تمتد بالإحسان إلى الخلق طمعا بإحسان الخالق[هل جزاء الإحسان إلا الإحسان] وهيهات أن يماثل أو يقارب إحساننا إحسان الرب الودود المحسن الكريم المتفضل .
ليال عشر خوطبت الأمة المحمدية بأمرها، أن تجعلها منائر عشر ،تضيء لهم يوم حشرهم، ومنابر ذكر ترتقي بهم ،وترفع في الملائك ذكرهم ،وسبل هدي وبر، يحط الله بصالح العمل فيها عنهم ذنوبهم ،ويشرح بنورها صدورهم .
هناك حيث تطلعت العيون إلى البيت الحرام ،وهوت الأفئدة إلى مشرق الإسلام ،وحنّت إلى طيب المكان والزمان والمشاعر، فمنها ما سار به الركب حثيثا يطوي البيد ،ويسابق النسيم المتدفق بالمسك المتناثر شذى يملأ الآفاق المبتهجة بالموسم الجميل، ركب يحط في رحاب الرحمن الرحيبة، قوافل تتراصّ صفوفا ذاكرة ،وقلوبا شا كرة ، وعيونا تغسل بالدمع الهتون غبائر وأحزان المعاصي، دموع ندم ورجاء، وحاشا للرحيم الغفار الحليم الكريم ،أن يرد قاصدا يطرق بابه ،أو ملهوفا على أعتابه حط ركابه ، فتنهلّ سحائب الرحمات غيثا ، يحيي القلوب الكليمة الواجفة ،المستغيثة من شرّالنفوس الأمارة بالسوء، والشياطين الأزّازة والقرناء المكذبين بالحق ، فتغاث ، وتجار، وترحم ،وتعطى حتى ترضى.
وهنا حيث تطلعت العيون ، وهفت القلوب ،وتلهفت الأرواح ،ولم يكتب لها الرحيل إلى المشاعر المقدسة ، فخلعت عليها العناية الربانية رداء رحمة بديل ،وعباءة خير وعمل جميل ،فكانت الليالي العشر هناك حجا ،وهنا عمل صالح، وعبادة يحبها الله ،فسكنت الجوانح الملهوفة للقاء ،وعكفت على القربات بكل أنواعها وألوانها ، خالصة لوجه الله الكريم، ترجوالقرب والرضى ،ولسانها يقول :
{{يارب أشتاق التطوف في رحابك فقوافل الغفران حطت عند بابك}}
فيامن حبسك عن أعتاب الله وبيته حابس ،لا تكن من العطايا الغاليات يائس ، وعليك بالليالي العشر الطيبات ،إملأها ذكرا وشكرا وقربات، عسى أن تفوز بالعفو والغفران والجنات.
{ومايزال عبدي يتقرب إليَ بالنوافل حتى أحبه}