دوندار بن محمد عبد الكريم عثمان أوغلو

نشر بتاريخ: الجمعة، 03 شباط/فبراير 2017 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

الرئيس الجديد الـ 45 لسلالة آل عثمان

عن ثلاثة وتسعين عاماً قضاها في المنفى الاختياري، توفي الأبن الثاني لحفيد السلطان عبد المجيد الأول عثمان بايزيد عثمان أوغلو الرئيس 44 لسلالة آل عثمان في 6/11/2016 في نيويورك، ونقل إلى استنبول ليدفن إلى جانب جدّه السلطان، في جنازة شعبيّة شارك فيها عدد من وزراء حكومة "حزب العدالة والتنمية" ذي التوجّه الإسلامي.
وتأهّل دوندار عبد الكريم عثمان أوغلو" حفيد السلطان عبد الحميد الثاني، لرئاسة سلالة آل عثمان، فمن هو دوندار بن محمد عبد الكريم؟ وما سرّ تعاطف واهتمام المسلمين في العالم الإسلامي بهذه الأسرة النبيلة.
ولد الأمير دوندار بن محمد عبد الكريم بن محمد سليم بن عبد الحميد الثاني في دمشق في عام 1930، وكان أبوه طموحاً إلى المجد فغادر دمشق متوجهاً إلى الصين لقيادة حركة استقلال إقليم الأويغور (تركستان الشرقية) بتشجيع من اليابان، إلا أنّه اضطرّ إلى التقهقر بسبب الدعم الياباني الضعيف، فلجأ إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة، حيث جرى اغتياله في عام 1935.

نشأ دوندار في دمشق معتزّاً بنسبه وسيرة أجداده، وبها أكمل تعليمه، واشتغل في وظيفة حكوميّة، وأقام فيها متمتعاً فيها بكل احترام وتقدير ممن يعرف فضل هذه الأسرة ومكانتها، يحلم بالعودة إلى ملك آبائه، والجلوس على كرسي السلطنة، رغم التشرّد والحرمان.
وكان مصطفى كمال قد قوض أركان الدولة العثمانيّة ومزّقها، وحوّلها من امبراطوريّة إسلاميّة مترامية الأطراف كان العرب يشكّلون نصف سكانها إلى جمهوريّة علمانيّة، وأسقط الجنسية عن الـ144 شخصاً من الأسرة العثمانيّة وطردهم من البلاد، حتى أنه منعهم من دفن موتاهم في تركيّا.
وعندما أصدرت الحكومة التركيّة في عام 1974 قانونٌاً يسمح للذكور من أسرة آل عثمان بالحصول على الجنسية التركية ، ويرفع حظر دخول عائلة آل عثمان الأراضي التركية، استعاد الأمير دوندار حقّه في الجنسيّة كسائر المواطنين الأتراك، إلاّ أنّه لم يغادر دمشق، وبقي فيها رغم الأخطار.
وعاش آل عثمان في المنافي البعيدة بهدوء، تحت المراقبة، محاطين بعيون السلطات المحليّة أينما حلّوا، وكان أشد ما يخشاه عدوّهم ظهورهم على مسرح الأحداث العالميّة من جديد.
ويعود سبب اهتمام الشعوب الاسلاميّة بهذه الأسرة إلى الحنين للأصل العثماني حيث كانت هذه الشعوب تستظل براية الخلافة على مدى ستّة قرون في وحدة ووئام، وأمن وأمان.
وكان للطريقة الفظّة التي استخدمت لهدم الخلافة، والتشفّي من هذه الأسر ة، والاحساس بمظلوميّتها ، من أسباب تعاطف الشعوب معها.
ألم تتعرّض هذه الأسرة للمصادرة والتهجير والاذلال، حتى أنّ الشرطة الإيطاليّة منعت دفن السلطان محمد وحيد قبل تسديد ديونه، وبقي التابوت محجوزاً مدة خمسة عشر يوماً، حتى اضطرت ابنته لانتزاع قرطها الذهبي وبيع مصاغها، قبل إرسال نعشه ليدفن في مقبرة آل عثمان بدمشق.
ولأنّهم كانوا العقبة الكأداء التي كانت تحول دون إقامة وطن قومي لليهود على جزء مقدّس من التراب العثماني، وافتضاح دور اليهود والدونمة في تقويض دولتهم، فقد منحت الشعوب المسلمة آل عثمان مزيداً من الاحترام.
ويعود لبني عثمان الفضل في وقف المدّ الشيعي، وتقويض أسس المشروع الفارسي القائم على التوسّع والكراهية، وفي غياب دولة سنيّة قويّة في الشرق الأوسط وصلت العصابات الشيعيّة المدعومة من إيران إلى بغداد ودمشق وصنعاء، وسط عجز عربي وتآمر دولي.
وتكشّفت الحقائق التاريخيّة بعد تراجع دور العلمانيين الأتراك عن الشراكة التي كانت قائمة بين شعوب السلطنة، والتآخي الذي كان سائداً، عن ارتقاء عدد كبير من رجالات العرب المناصب الرفيعة في الجيش والدولة االعثمانيّة، حتى أنّ مفتي السلطنة كان عربيّاً، وأنّ كل ما جرى من حديث عن إقصاء العرب وتتريكهم، وتعصّب ضدّ اللغة العربيّة، دون الحديث عن سعي آل عثمان لتكون العربيّة اللغة الرسميّة للدولة، مجرّد حديث مفترى، لم تتحدث عنه المصادر التاريخيّة إلاّ بعد استيلاء الطورانيين على مقاليد الحكم وتغولهم على مقدّرات البلاد.
ويخطئ من يعتقد بأنّ جمال باشا السفّاح الطوراني، قد علّق (أحرار العرب) على المشانق بموافقة السلطان، وعلى من يسيء الظنّ بالعثمانيين أن يدرك أنّ ما ارتكبه السفاح بسبب مراسلات وجدها في السفارة الفرنسيّة، مجرّد تصرف شخصي أحمق، لطاغية كان يحلم بإقامة دولة مستقلّة في سوريّة على غرار دولة محمد علي باشا بمصر.
وتشهد المشاريع التي أقامتها الدولة العثمانيّة في البلاد العربيّة لبني عثمان باهتمامهم الكبير بالبلاد العربيّة، وفي مقدمتها الخط الحديدي الحجازي الذي عجزت الدول التي يمرّ بها عن إعادة تسييره حتى الآن بالإضافة إلى شبكة البرق والطرق والمباني الحكوميّة والمستشفيات.
ويكفي هذه السلالة فخراً أنّ الدولة التي شيدوا أركانها حافظت على وحدة البلاد العربيّة، وحالت دون وقوع العالم العربي بين براثن دول الاستعمار، وحافظت على المقدسات الإسلاميّة، وكانت الشريعة فيها مصانة.
حفيد السلطان عبد الحميد الأمير دوندار عبد الكريم، الرئيس الجديد الـ 45 لسلالة آل عثمان يستحق الاحترام ومحبّة الجميع.

 

الزيارات: 2227