أمير البحر أحمد محيي الدين بن محمد بيري الريّس
مجلة الغرباء العدد 136
المكتشف الحقيقي لأمريكا
المكتشف الحقيقي لقارّتي أمريكا الشماليّة والجنوبيّة، والقارّة القطبيّة الجنوبيّة، جغرافي وراسم خرائط ورحالة عثماني.
ولد أحمد محي الدين بيري في مدينة غاليبولي الواقعة غرب إسطنبول، التي كانت بمثابة المركز الرئيسي لقوات البحرية الإسلامية، أتقن اليونانيّة والإسبانيّة والبرتغاليّة والإيطاليّة، تتلمذ في علم البحار على عمّه كمال ريّس الذي استخدم المدافع على السفن لأوّل مرّة في المعارك البحريّة، وقام مع عمّه كمال بشنّ الغارات على الإسبان، وإنقاذ الفارّين من محاكم التفتيش بعد فشلهما في إنقاذ الأندلس.
وصل إلى أمريكا عام 840هـ - 1465م، ورسم خريطة لأمريكا هي أقدم وأدق خريطة لها على الإطلاق، وهذا يلغي الادّعاء بأن كولمبوس هو مكتشف أمريكا، وقدّم للسلطان العثماني سليم الأوّل في مصر عام 1517 خريطة للعالم.
ورسم خريطة للعالم أكثر دقّة من الأولى في عام 1528،
وظلّت خرائط بيري الرائعة المرسومة على جلد الغزال محفوظة في صناديق "طوب قابو سراي" بإسطنبول خشية عبث الجاهلين بقيمتها العلميّة، حتى عثر عليها العالم الألماني بول كاله أثناء ترميم القصر سنة 1929، فكانت فتحاً عظيماً في تاريخ الجغرافيا، وشهادة فخر للدولة العثمانيّة المفترى عليها.
ويظهر في الخريطة الساحل الغربي لقارّة إفريقيا، والساحل الشرقي لقارّة أمريكا الجنوبيّة.
"وإنَّ أعجب ما في خرائط محيي الدين الريس أنها عَادَتْ لِتَشغل العلماء بعد عصر رحلات الفضاء وتصوير الأرض من الأقمار الصناعيَّة؛ فقد كان الاعتقاد الأوَّل لدى علماء الخرائط في أمريكا وأوربا في القرن العشرين أن الخرائط غير دقيقة، وأن بها أخطاءً في الرسم حسب أحدث معلوماتهم عن الشاطئ الأمريكي، ولكنهم فُوجِئوا بعد ظهور أول صورة مأخوذة من القمر الصناعي لهذه المناطق أن خرائط محيي الدين الريس أدقُّ من كل ما عرفوه وتصوَّروه! وأنها تطابق تمامًا صور القمر الصناعي، وأن معلوماتهم هي التي كانت خاطئة، وعلى أثر ذلك عكف فريق من العلماء في وكالة الفضاء الأمريكيَّة على إعادة دراسة الخرائط مقطعيًّا بعد تكبيرها عدَّة مرات، فكانت المفاجأة الثانية، وهي أن محيي الدين الريس قد وضع في خرائطه القارة السادسة في القطب الجنوبي والمسماة Antarctica قبل اكتشافها بأكثر من قرنين، كما أنه وصف جبالها ووديانها التي لم تكتشف حتى سنة 1952م".(1)
"وقد ذكر الراهب الجزويتي لاين هام مدير مركز الأرصاد في ويستون ما يدل على عبقرية القائد العثماني ريس بيري في علم الجغرافيا حيث يقول: (خرائط الريس بيري صحيحة بدرجة مذهلة للعقل، خاصة أنها تظهر بوضوح أماكن لم تكن قد اكتشفت حتى أيامه في القرن السادس عشر الميلادي.. إن الجانب المذهل في مكانة بيري، هو رسمه لجبال أنتاركتيكا بتفاصيلها فيما رسمه من خرائط، مع أن هذه الجبال، لم يكن أحد قد تمكن من اكتشافها إلاّ في عام 1952م أي في النصف الثاني من القرن العشرين، وكيف؟ بعد استخدام الأجهزة المتقدمة العاكسة للصوت، أمّا قبل القائد العثماني الريس بيري، يعني حتى القرن السادس عشر الميلادي، لم يكن أحد يعرف أن أنتاركتيكا موجودة، إذ كانت مغطاة بالجليد طوال عصور التاريخ.
والمعروف أن أنتاركتيكا هي القارة السادسة والواقعة في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، لم يقتصر الذهول على الراهب لين هام فقط، بل تعدّاه إلى كثير من العلماء والكتاب لقد قارن بعض العلماء صور الأرض التي تم التقاطها من مركبات الفضاء (في القرن العشرين) بالخرائط التي رسمها القائد البحري العثماني الريّس بيري في البدايات المبكرة للقرن السادس عشر اتضح التشابه المذهل بين صور مركبات الفضاء وبين خرائط بيري."(2)
ألّف بالتركيّة موسوعة "كتاب البحرية" في عام 1520، شرح فيه خرائطه، ثم قام بزيادة أبحاثه وجعله في خمسين فصلاً وقسمين، نحا فيه طريقة الجغرافيين العرب، وقدّمه للسلطان سليمان القانوني في عام 1525.
وصدرت الطبعة الأولى للكتاب بالعربيّة في عام 1433/2012، وقام بترجمتها الدكتور محمد حرب.
قاد البحريّة الإسلاميّة العثمانيّة في البحر الأبيض المتوسّط، وشارك في المعارك البحريّة بين العثمانيين والبنادقة، وخاض (معركة مودان) في عام 1500، إلى جانب عمّه كمال بيري.
"ولمّا استغاث صاحب الجوزرات، وصاحب دهلي بالسلطان ليساعدهما ضدّ البرتغاليين الذين احتلّوا أهم ثغور بلادهما، أرسل السلطان أوامره إلى سليمان باشا والي مصر بتجهيز عمارة بحريّة بثغر السويس لمحاربة البرتغاليين، وفتح عدن وبلاد اليمن، فشيّد عمارة بحريّة من سبعين سفينة، وسلّحها بالمدافع، ومعه عشرون ألف جندي، وفتح مدائن عدن ومسقط، وحاصر هرمز، ثم قصد سواحل الجوزرات، وفتح أغلب الحصون التي أقامها البرتغاليّون". (3)
وأحسب أنّ أمير البحر أحمد محي الدين بيري كان على رأس هذا الأسطول، وإن كان صاحب تاريخ الدولة العليّة لم يشر إليه بالاسم.
هزم في معركة قادها ضدّ الأسطول البرتغالي الذي توغّل في الخليج العربي عند ميناء البصرة،
وعاد إلى مصر حيث اتهمه حسّاده بالتسبّب في الهزيمة، فحوكم وأعدم في عام 1552 أو 1555.
كتب في سيرته: الباحثان محمد شعبان أيّوب، ومحمد الهامي (محي الدين بيري ريّس ـ أمير الحرب والبحر).
المراجع:
1 ـ ستار تايمز اسهامات علماء المسلمين في اكتشاف العالم.
2 ـ العثمانيّون في التاريخ والحضارة ص 383 و384
3 ـ تاريخ الدولة العليّة ص 138 محمد فريد بك.
4 ـ مدونة قصص من التاريخ الإسلامي، مخلوقات فضائيّة رسمت خريطة العالم.