أبو محمد القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الشاطبي
(538/1134 590/1194)
إمام القرّاء، عالم بالنحو والتفسير والحديث، شاعر ضرير.
ينسب إلى ذي رعين، وهو أحد أقيال اليمن، ولد أعمى بالشاطبة شرقي الأندلس.
قرأ قراءات القرآن الكريم، وأتقنها على أبي عبد الله النفزي، ثم رحل إلى بلنسية فعرض بها الكثير من حفظه، والقراءات على ابن هذيل، وسمع منه الحديث، دخل مصر سنة 572/1176 وسمع من أبي الطاهر السلفي بالإسكندريّة وغيره.
رتبه القاضي الفاضل بمدرسته بالقاهرة فتصدّر الإقراء والنحو واللغة.
كان أوحد زمانه في علوم العربيّة، أعجوبة في الذكاء، كثير الفنون، غاية في القراءات، حافظاً للحديث، بصيراً بالعربيّة، إماماً باللغة، رأساً في الأدب.
قال النووي: لم يكن في زمانه بمصر نظيره في تعدّد فنونه وكثرة محفوظه.
نظم متن (حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع المثاني) وهي القصيدة اللاميّة المشهورة (الشاطبيّة الكبرى)، نظم فيها القراءات السبع المتواترة عن نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، اعتمد فيها على كتاب (التيسير في القراءات السبع) لأبي عمرو الداني.
وتتكوّن من ألف ومائة وثلاثة وسبعين بيتاً، أبدع فيها كلّ الإبداع، ذكر فيها القرّاء والقراءات بالحروف المرموزة.
وهي القصيدة التي اعتنى بها علماء القراءات فحفظوها وقرأوها على الشيوخ وشرحوها وحلّوا رموزها ونظموا على منوالها، ولكن قلّ من رزق الشهرة مثلها، ومطلعها:
بَدَأْتُ بِـبِاسْـمِ اْللهُ فيِ النَّظْمِ أوَّلاَ تَبَارَكَ رَحْمَاناً رَحِيماً وَمَوْئِلاَ
وَثَنَّيْتُ صَلَّى اللهُ رَبِّي عَلَى الِرَّضَا مُحَمَّدٍ الْمُهْدى إلَى النَّاسِ مُرْسَلاَ
وَعِتْرَتِه ثُمَ الصَّحَابَـةِ ثُمّ مَنْ تَلاَهُمْ عَلَى اْلإِحْسَـانِ بِالخَيْرِ وُبَّلاَ
وَثَلَّـثْتُ أنَّ اْلَحَمْدَ لِلهِ دائِماً وَمَا لَيْسَ مَبْدُوءًا بِهِ أجْذَمُ الْعَـلاَ
وَبَعْـدُ فَحَـبْلُ اللهِ فِيـنَا كِتَابُهُ فَجَاهِـدْ بِهِ حِبْلَ الْعِدَا مُتَحَبِّلاَ
ومن شروحها: شرح ابي الحسن علي بن محمد السخاوي وسماه (فتح الوصيد في شرح القصيد) في مجلدين وشرح الرائية في مجلد، ولابي اسحق الجعبري كتاب سماه (كنز المعاني) ومنها شرحا الامام محمد بن محمد الجزري، ولها شروح كثيرة غير هذا منها (التيسير) و(النشر في القراءات العشر) للجزري، ولأبي عبد الله الفاسي كتاب (الفريدة البارزية في حل القصيدة الشاطبية) ولشهاب الدين أبي شامة المقدسي شرح على الشاطبيّة، وكذلك لجلال الدين السيوطي، والمنتجب علي بن محمد الهمذاني، وابن جبارة المقدسي، ولبرهان الدين الجعبري شرح على الشاطبيّة والرائيّة، وليوسف بن حرب شرح عليها في مجلدين كبيرين، وللعلماء غير ذلك كثير من المختصرات والمطولات، وممن نظم على وزن الشاطبيّة قصيدة في القراءات السبع زين الدين محمد بن سريجا المالطي ومطلعها:
يقول سريجا قانتا متبهلا بدأت بحمدي ناظما ومبسملا
ولأبي عمرو ابن الحاجب قصيدة مشهورة على وزن الشاطبيّة، وللشيخ الامام العامل طاهر بن عربشاه الأصبهاني (القصيدة الطاهرية في القراءات العشر على روى الشاطبية) وللإمام البغوي (الكفاية في القراءة) على وزن الشاطبيّة أيضاً، ولأبي حيان محمد بن يوسف (لاميّة القراءات) عارض بها الشاطبية وحذف رموزها، فابرز الأسماء في النظم، وصنّف جمال الدين محمد بن عبد الله الجياني في القراءات قصيدة مرموزة في مقدار الشاطبية.
وله قصيدة رائية ضمنها رسوم المصحف وهي اخت القصيدة المذكورة في الشهرة ونباهة الشأن، وله (عقيلة القصائد في أسنى المقاصد في نظم المقنع للداني) و(ناظمة الزهر في أعداد آيات السور).
وجد أنّ علم القراءات يعين على حفظ القرآن الكريم، ويظهر الجانب الإعجازي والبلاغي في لغته، وأنّه آية من آيات الله تعالى في حفظ كتابه.
توفي بالقاهرة ودفن بتربة القاضي الفاضل بالقرافة الصغرى.
______________________________________________________________
(1) وفيات الأعيان ج 2 ص 170 أحمد بن محمد ابن خلكان. (2) كشف الظنون في أسماء الكتب والفنون ج 2 ص 731و1341 و1499 و1539 حاجي خليفة. (3) غاية النهاية ج 2 ص 20 محمد بن محمد الجزري. (4) طبقات الشافعيّة ج 2 ص 113 جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي. (5) معجم المؤلّفين ج 8 ص 110 عمر رضا كحّالة. (6) آثار البلاد وأخبار العباد ص 539 للقزويني. (7) صلة تاريخ الطبري ص 320 القرطبي. (8) معجم المؤلّفين ج 12 ص 118 عمر رضا كحّالة. (9) شذرات الذهب ج 4 ص 301 عبد الحي بن أحمد ابن العماد العكري. (10) أبجد العلوم ج 2 ص 429 صديق حسن خان.
الزيارات: 2729