أوليا جلبي محمد ظلّي بن درويش

نشر بتاريخ: الأحد، 04 آذار/مارس 2018 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

أشهر الرحالة المسلمين
(1020/1611 ـ 1094/1683)
 أديب وصّاف، رحالة مؤرّخ عثماني، أحد مشاهير الرحالة المسلمين.
أوليا جلبي لقبه الذي اشتهر به، واسمه أوليا محمد ظلي بن درويش، ولد في إستانبول لعائلة قدمت إليها من كوتاهية مع جند السلطان محمد الفاتح واستقرت بها، وعملت في خدمة السلاطين العثمانيين، وكان أبوه يعمل حرفيا ونقاشا ماهرا في الذهب والمعادن، وهو من صنع المزراب الذهبي المشهور للكعبة المشرفة، لتصريف المياه، والتي ما زالت محفوظة في متحف مكة، والتحق بقافلة الحج متوجها إلى الحجاز لتركيبه، وذلك في عهد السلطان أحمد الأول.
حفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره، وأخذ فنّ الخط وأصول الصنعة عن أبيه، ثم التحق بمدرسة شيخ الإسلام حميد أفندي في إسطنبول حيث أمضى سبع سنوات متتلمذا على يد أستاذه أوليا محمد أفندي، ثم درس مدة أحد عشر عاما في مدرسة القصر العثماني (أنده رون)، التي تأسست في عهد السلطان مراد الرابع.


وكانت تقوم بتدريس علوم القرآن والحديث والأدب واللغات كاليونانية والعربية والفارسية، إضافة إلى المنطق والرياضيات، وأصول وتقاليد القصر العثماني، ومختلف الفنون.
وأتقن أوليا جميع تلك العلوم، خاصة القرآن الكريم وتفسيره وتجويده، حتى صار من حفاظ جامع آياصوفيا.
واطلع علي نفائس العلوم والفنون وصحب رجال الدولة، والتحق بخدمة القصر السلطاني أربع سنوات، وبفضل نباهته قرّبه السلطان مراد الرابع إليه ومنحه لقب سباهي (فارس).
شملت رحلاته ثلاث قارّات، استغرقت رحلاته أكثر من 44 عاما، زار خلالها أكثر من 30 بلداً، بمهمات رسمية، أو لمرافقة كبار الموظفين العثمانيين أو بصفة شخصية، كما شارك في الحملات العسكريّة التي وجهت إلى كريت والمجر والنمسا
سجّل انطباعاته ومشاهداته عن الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والأحداث التاريخيّة، ووصف الأقاليم والبلدان التي زارها، والآثار المعماريّة التي شاهدها، في كتابه (سياحت نامة) أو كتاب الأسفار، في عشرة مجلّدات، باللغة التركيّة، الذي يعتبر من أهم المصادر عن الدولة العثمانية في القرن الحادي عشر الهجري أو السابع عشر الميلادي.
ويتضمن الكتاب وصفاً شاملاً للإمبراطورية العثمانية والمناطق المجاورة لها، وسرداً لتجوال المؤلف وسياحته على مدى أربعين عاماً (١٦٤٠-١٦٨٠).
وخصّص لكل إقليم مجلّداً، ففي المجلد الأول تحدّث أوليا جلبي عن مدينة استانبول وضواحيها، وفي الثاني تحدث عن بورصة وطرابزون وكريت وكردستان وجورجيا وبعض الولايات العثمانية الأخرى، وفي المجلد الثالث تحدث عن دمشق، وسوريا، وفلسطين، وكردستان، وأرمينيا، وفي المجلد الرابع تحدث عن وان، وتبريز، وبغداد، والبصرة، وفي المجلد الخامس تحدث عن هنغاريا، وروسيا، والأناضول، وبورصة، وجزر الدردنيل، وادرنة، والبوسنة، وفي المجلد السادس تحدث عن ألبانيا، وهنغاريا، وبلغراد، والمجر، والجبل الأسود، وكرواتيا؛ وفي المجلد السابع تحدث عن هنغاريا، ومولدافيا، والقرم، وروسيا الجنوبية، والقوقاز، وداغستان؛ وفي المجلد الثامن تحدث عن ازاق، وبغصة سراي، وإسطنبول، وكريت، ومقدونيا، وأثينا.
وفي المجلد التاسع تحدث عن جنوب غربي الأناضول وجنوبها، وسوريا، وحلب، ودمشق، ومكة والمدينة، وفي المجلد العاشر تحدث عن مصر السودان، والحبشة.
ولقيت كتاباته شهرة واسعة، وتميّزت بأسلوبها السهل الرشيق، وترجمت إلى عشرات اللغات العالميّة، ومما يؤسف له أن يبقى الكتاب حبيس خزائن المخطوطات العثمانيّة، ويحرم القراء العرب من ترجمة أمينة محقّقة لجميع مجلّدات الكتاب، وأن يحرم الأتراك من لذّة الاستمتاع باللغة العثمانيّة التي كتب بها، فقد كانت المؤامرة تقضي بكتابة اللغة التركيّة بالحروف اللاتينيّة لحرمان الأجيال الجديدة من الاطّلاع على تراثهم العثماني المدوّن بالحروف العربيّة.
وفي عام 2011 احتفلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) بمرور 400 عام على ميلاده الذي اعتبره الاتحاد الأوروبي ضمن عشرين شخصية خدمت الثقافة الإنسانية.
تقول المصادر بأنّه توفي بعد سنتين من رحلته، ولا تذكر أين كانت وفاته، لكن يرجّح أنّه قضى السنة الأخيرة من حياته في إستانبول يحقق كتابه وينقّحه.

المراجع:
1 ـ ترك برس، أوليا جلبي ... الرحالة العثماني الذي تفوّق على ابن بطوطة، ولاء خضير.
2 ـ تركيا بوست، أوليا جلبي.. التركي الذي فاق رحالة العرب والمسلمين، أحمد عبد الحافظ محمد.
3 ـ الموسوعة العربيّة، مادة: أوليا جلبي.
4 ـ "سياحتنامه" أوليا جلبي يرصد صورة العالم الإسلامي في 10 مجلدات ضخمة، محمد الأرناؤوط.
5 ـ نون بوست، أوليا جلبي.. رحالة العثمانيين الأشهر، غيداء أبو خيران.





الزيارات: 1607