أحمد سيف الإسلام بن حسن البنا

نشر بتاريخ: الخميس، 03 آذار/مارس 2016 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

طالب بريطانيا بالإفراج عن الوثائق التي تخص والده، ووصفها بأنها في غاية الخطورة
 (1353/1934 ـ 1437/2016)
داعية ومفكّر إسلامي، أمين عام نقابة المحامين المصرية، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وعضو مجلس الشعب المصري.
ولد في القاهرة، نشأ في حجر أبيه العالم الرباني، على مبادئ الإسلام، وشهد ملحمة استشهاده وهو في الرابعة عشرة من عمره، وكان موضع محبة الإخوان بعد رحيل أبيه الإمام المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين، وانضم إلى الجماعة، وانتخب عضواً في مجلس الشورى.


التحق بدار العلوم، وكلية الحقوق بجامعة القاهرة في آن واحد، بعد حصوله على الثانوية العامة، وتخرج بكلية الحقوق في عام 1956، ودار العلوم في عام 1957.
انضم إلى نقابة المحامين بعد تخرجه، واشتغل بالمحاماة في مكتبه الخاص.                                   
اعتقل في عام 1965 فترة قصيرة في عهد عبد الناصر وحدّدت إقامته عاماً واحداً، واعتقل في عهد السادات في عام 1969، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، قضى منه أربع سنوات، وأطلق سراحه في عام 1973، انتخب نائباً في مجلس الشعب عن الدائرة الرابعة عام 1987، حقق أعلى الأصوات في انتخابات نقابة المحامين المصرية في عام 1992 وانتخب أميناً عاماً للنقابة، وأعيد انتخابه في عام 2001.                                                                
وصف بأنه الوصي على تراث والده الإمام حسن البنا، والمحافظ على فكره وسيرته من التشويه، وذكر أنه قاضى أحد الكتاب المصريين لكتابته مسلسلاً قصد منه صاحبه تشويه تاريخ الإمام الشهيد، وقام بالإشراف على كتابة مسلسل عن حياة أبيه واضعاً كل الوثائق والمراجع الموثوقة بين يدي كاتب محترف عكف على إنهاء نص المسلسل.
وأكد سيف الإسلام  أن نص المسلسل سوف يخضع عقب الانتهاء منه لمراجعة من قبل أفراد أسرة الإمام ومن قيادات الجماعة نظرا لحساسية شخصية الإمام الشهيد.
وأشار سيف الإسلام إلى أن مشروع المسلسل خطوة أولى للعديد من المشاريع التي تستهدف رفع الستار عن حياة الإمام الشهيد والرد على العديد من الجهات والأشخاص الذين عكفوا طوال سنوات طويلة لتشويه صورة الإمام الشهيد حيث من المتوقع أن يتم إنتاج فيلم سينمائي عن حياة الإمام عقب الانتهاء من المسلسل.
وحول علاقته بأبيه قال: أدركت منذ دراستي الابتدائية مكانة والدي الشهيد، وأني ابن لرجل غير عادي، وذلك من خلال معاملة ناظر المدرسة والمدرسين شبه الخاصة لي- رغم أنها لم تكن ترضي أبي- الذي كان حريصًا على أن أكون في المدرسة تلميذًا كسائر التلاميذ، وتمثل أول مصدر في معرفتي بالإمام، هو معايشتي له في المنزل حتى المرحلة الثانوية في الدارسة، وكنت أسأله في القضايا العامة التي كنا كطلاب في المراحل الثانوية نتعرض لها، وننظم الإضرابات من أجلها.
إضافة إلى الأحداث التي مرت بالبيت، وحادث اغتياله، والذي أتذكره كأنه بالأمس، خاصة أيامه الأخيرة؛ لطبيعتها والحصار المرير الذي تعرض له في المنزل، وأحاديث الأسرة عنه، كل ذلك أضاف لمعايشتي السابقة له إعجابًا شديدًا، وتعلقًا به، ورغبة في لزوم منهجه.
وحول تأثير جده الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا عن الإمام الشهيد، ورغبته أن أستفيد استفادة كبيرة من مكتبة الوالد، وأن أتجه إلى التعليم الشرعي، فلذلك دفعني إلى الالتحاق بكلية دار العلوم.
كما كان لمكتبة الوالد دور في معرفتي به، فكما يقولون "إذا أردت أن تعرف رجلاً فدلني على مكتبته".
وكان لمكتبته دلالات كثيرة ففيها الكتب التي تأثر بها حسن البنا في فكره وحركته، وكانت كذلك مكتبة متنوعة المعارف والعلوم.
ويكفي أن تعلم أن المكتبة كان بها كتب خاصة عن العالم الإسلامي كله، وأخرى عن حركات المقاومة الإسلامية، وثالثة عن كل حرفة ومهنة، بل كان يُنمي فينا خاصة حب القراءة، فقد ترك لي ركنًا خاصًا فيها وزاد مصروفي خمسون قرشًا؛ لكي أشتري بها كتبًا أنتفع بها وأضعها في ركني الخاص، وكان يؤكد دائمًا في كتاباته على أهمية تكوين مكتبة إسلامية لكل أسرة.
كما تتبعت حياة الإمام من واقع أجندته ومذكراته الشخصية وأوراقه الخاصة، وقد كشفت لي كثيرًا عن جوانب شخصيته وبعضها كان فيه مقاطع أدبية رائعة، وبعد ذلك حرصت على السماع من الإخوة الذين عايشوا الوالد كثيرًا، وسجلت كل ذلك كتابة، ومنهم المرشد الراحل الأستاذ عمر التلمساني.
كما كانت قراءتي لما كتب الإمام أكثر من مرة رصيدًا جديدًا في معرفتي به، وذلك أن القراءة الثانية والثالثة لأي كتاب أو مقال تضيف أبعادًا جديدة للفهم إلى القراءة الأولى.
وطالب الحكومة البريطانية بالإفراج عن الوثائق التي تخص والده، وتحتفظ بها بريطانيا، خصوصًا أنه قد مر على هذه الوثائق أكثر من ثمانين عاما، ومن المعروف أن الإفراج عن الوثائق المهمة يكون بعد مرور ثلاثين عاما فقط.
ووصف البنا الوثائق التي في حوزة الحكومة البريطانية بأنها في غاية الخطورة، وأنها تشكل جزءًا من تاريخ مصر.
ودعا البنا وزارة الخارجية المصرية بمساعدته ومطالبة الحكومة البريطانية بالوثائق، خصوصا أنها كما يرجح البنا قد تكشف عن الجهة التي قتلت والده والتي لا يعرفها أحد حتى الآن.
وان كان البنا يرى أن هناك دورا مهما للمخابرات البريطانية في عملية اغتيال والده، ويفسر إصرار بريطانيا على حجب تلك الوثائق بعد مرور كل هذا التاريخ؛ لأن هذه الوثائق تكشف مدى تورط بريطانيا العظمي في جريمة القتل، والتي اتهم فيها من قبل الملك فاروق، كما ألقى آخرون تهمة مقتل حسن البنا على يد الضباط الأحرار، وهو ما نفاه جميع من بقوا علي قيد الحياة منهم، كما جاء في شهادة حسين الشافعي، وعبد االطيف البغدادي.
ويؤكد البنا أن هذه الوثائق مشرفة، وتمثل المنهج الاعتدالي الوسطي للإخوان وتكشف علاقتهم بأحداث تاريخية كثيرة.
وصف والده بأنّه "شخصية فريدة، تتمتع بذاكرة حديدية، وكانت مواقفه صلبة ومنطقية، وعلى الرغم من مسؤولياته العديدة لم ينشغل يوماً عن أسرته، فكان يعرف كل صغيرة وكبيرة عن كل فرد فيها".
و"اتهم أحد أجهزة الدولة باغتيال والده، مؤكداً أن الجاني هو أحد رجال الشرطة، وكشف عن أن الإجراءات التي سبقت واقعة اغتيال والده مساء السبت 12 فبراير 1949 كانت إجراءات مشددة ولا مثيل لها: "لم يكن مسموحاً لأي شخص بدخول منزلنا الذي كان محاصراً بشكل كامل، حتى إن الشرطة احتلت الشقة المقابلة لنا لمراقبتنا ليل نهار لمنع أي أحد من الاتصال بوالدي".
" وأوضح أن ظروف الاحتلال في هذه الفترة كانت تستوجب قيام جماعة قوية لمناهضة الاحتلال، مشيراً إلى أن والده كان يسعى لتكوين جيش من الشعب، يضم كتائب مسلحة في كل قرية لمناهضة الاحتلال، ومؤكداً في الوقت نفسه أن والده كان يرفض العنف الداخلي ولم يستخدمه مطلقاً على الرغم من أن الإخوان في عام 1945 كانوا يسيطرون على الشارع السياسي المصري."
ونفى أن يكون لوالده يد في اغتيال النقراشي باشا، رئيس الوزراء الأسبق في عهد الملك فاروق، مؤكداً أن النقراشي قتل نتيجة صراعه مع أفراد داخل النظام الحاكم آنذاك".
وعندما أعلنت بعض الدول العربية عزمها على فتح سفاراتها في العراق، عارض أمين عام نقابة المحامين سيف الإسلام البنا فتحها بقوله: إن سعي أمريكا لفتح سفارات عربية في العراق الهدف منه إضفاء شرعية على التواجد الأمريكي في العراق، لا سيما بعد أن فشلت أمريكا في تحقيق تلك الشرعية بالطرق الأخرى، وتحسين صورتها أمام الرأي العام الأمريكي، وهو إجراء يوحي للأمريكان بأن الأوضاع مستقرة في العراق وأن تواجد القوات الأمريكية هناك جاء بفائدة وعلى عكس ما يقول الخبراء بأن بوش فشل فشلا ذريعا في العراق، وقال:  إن بوش أراد بهذا الإجراء أيضا أن يضفي شرعية على المعاهدة الأمنية الجدية التي تسرق السيادة الأمنية العراقية عبر تواجد القواعد العسكرية في البلاد، كما أنها تسرق الاقتصاد العراقي لأنها تتيح لأمريكا حصر الإشراف على استخراج البترول وبالتالي سرقته.
وخطب في الوقفة الاحتجاجية الحاشدة التي نظمها ملتقى القوى الشعبية" في 15/5/2008: نعاهد الله ونُشهد الدنيا كلها على أننا لو انتظرنا 60000 عام من أجل تحرير القدس والأقصى فلن نيأس من زوال الكيان الصهيوني وتحرير الأرض والمقدسات".
وأكد أن الجهاد هو السبيل الوحيد لنصرة هذه القضية، مشددًا على أن الأمة المسلمة ستبقى حيّة ولن تستكين للظلم مهما طال تجبر تحالف الجبناء؛ لأنها متصلة بالله عز وجل.
وقف مع الشرعيّة، وعارض الانقلاب العسكري على الحكومة المنتخبة، ورفض عزل الرئيس الشرعي محمد مرسي، إلاّ أن وضعه الصحي جعله يتنحّى عن المشهد السياسي.
ومع هذا فقد قامت حكومة عبد الفتاح السيسي بالاستيلاء على أمواله وممتلكاته السائلة والمنقولة، وذلك بعد قرار أصدرته لجنة حصر أموال الإخوان بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 1141 لسنة 2013، إلاّ أنّه لم يستكين للقرار وطالب برفع الحظر عنها.
وفي صباح يوم الجمعة 26 ربيع الآخر 1437 الموافق 5 شباط 2016، توفي بالقاهرة الشيخ أحمد سيف الإسلام البنا، بعد حياة حافلة بالعمل الدعوي وخدمة الإسلام، والدفاع عن حقوق المسلمين، وشيّعت جنازته من مسجد الرحمن الرحيم بشارع صلاح سالم، وكان على رأس المشييعين عدد محدود من تلاميذ مدرسة أبيه الإمام المؤسّس ومحبيه، بسبب الإجراءات الأمنيّة القمعيّة. 
لم يختلف مشهد الدفن بين الابن والأب، فقد دفن حسن البنا في مقبرة شهيرة للعائلة بـ"مقابر الأمام الشافعي"، في منطقة "السيدة عائشة"، (غربي العاصمة المصرية)، وسط تواجد أمني، وكذلك دفن نجله أحمد، في مقابر العائلة ذاتها، في ظل حضور لافت لقوات الأمن، وغياب لقيادات الإخوان القابعين في سجون النظام الانقلابي.
_____________________________________________________________

(1) القوصية كوم، سيف الإسلام: فيلم سينمائي عن البنا بعد الانتهاء من المسلسل. (2) إخوان أون لاين، 12/2/2003، حوار مع الأستاذ سيف الإسلام البنا في ذكرى والده. (3) العربيّة نت 1/10/2010 نجل حسن البنا: والدي حاول تكوين جيش شعبي.. وقاتله رجل شرطة (4) وكالة الأناضول 6/2/2017 سيف الإسلام حسن البنا..مشهد الوداع يتكرّر بعد 67 عاما..
أعلام الصحوة الإسلامية.

الزيارات: 2201