ثريّا نبوي وقصيدتها "والقلبُ يُحرَقُ يا حلبْ"

نشر بتاريخ: الخميس، 04 تموز/يوليو 2019 كتب بواسطة: اعداد: محمد علي شاهين

القتلُ باتَ على الهُوِيَّةِ
يا دُعاةً للدَّمارِ بِلا سببْ
ماذا جَنَتْ؟؟..تِلكَ الصغيرةُ ما وَعَتْ
مِنْ وَسوسَاتِ الحربِ إلا أنها مَوتٌ وهَمّْ
والوجْهُ صارَ مُخَضَّبًا: دمعًا ودَمْ
والبيتُ صارَ إلى عَدَمْ.


البحرُ نادَى ذاتَ مأساةٍ مَضتْ:
بانياسُ تُذبَحُ يا عربْ.. فَلْتُشعِلوا نارَ الغضبْ
لكِنَّنا نِمْنا وباتَ الموجُ يَهْدِرُ في صَخَبْ.
واليومَ يااااااكُلَّ العربْ:
ومِن الوريـــدِ إلى الوريدِ؛
اسْتَلَّ سَيَّافٌ مَجوسيٌّ عنيدٌ
سَيْفَهُ؛ ومَضى يُذَبِّحُ ,آمِنًا, أفراخَها
هل تسمعونَ صُراخَها؟!!!
يااااا وَيْحَنا.. ذَبَحوا حَـلَبْ
وأَعدَّ نارَ شِــــوائِها:
الرَّاقِصونَ على جَماجِمِنا.. ومَنْ
يتشدَّقونَ بأنَّهم: جُنْدُ المُمانَعةِ النُّجُبْ
والعلقميُّونَ الذينَ تَعَبَّدوا صَنَمًا بَناهُ أبو لهبْ
والعابدونَ النارَ دَاروا حولَها.. وبِلا نَصَبْ
والغَربُ قد جَمَعَ الحَطبْ
والإخوةُ الأعداءُ مُصطَّفونَ يرتقِبونَ
نفخَ الكِيرِ..هُمْ رَهنُ الطلبْ
ها قد تَفَتَّقتِ الحُجُبْ
وتبيَّنَ المَستورُ: “مِسْتورا” سَعَى
لِلهُدنةِ السوداءِ حتى أُشعِلَ التَّنُّورُ
واقْتسَموا رَغيفَ الشامِ ثُمَّ تَسابقوا
في حَرقِ سُنْبُلها المُدَجَّجِ بالذَّهَبْ
حَرقوا كُرومَ الفُسْتُقِ الحلبيِّ
والزَّيْتونَ، والأطفالَ، جَنَّاتِ العِنَبْ.
قُومي أيا شهباءُ مِن تحتِ الرُّكامِ تَجَلَّدي
يا قلعةَ المَجدِ الأثيلِ وعِندَ “بابِ النصرِ” لا تتردَّدي
دَاوي الجراحَ، وزلزلي أصنامَهمْ، عَلِّي النِّداءَ ورَدِّدِي:
اللهُ أكبرُ.. واستعيدي بَأْسَكِ المَنحوتَ مِن بَأْسِ الشُّهُبْ

*   *   *   *   *
تصف الشاعرة ثريّا نبوي الخراب والدمار الذي حلّ ببلاد الشام، والجريمة المتواصلة على مدى سنوات، وسيل الدماء الذي لم يتوقف شلاله، دون رادع من ضمير، وتتحدث بحرقة وألم عن الأطفال الذين خرجوا من تحت الأنقاض، وأصابهم اليتم وقد هدم البيت وغاب المعيل.
وتبكي مأساة المدن الساحليّة ومجزرة بانياس، وتستصرخ بقيّة الضمائر: أن هبّوا لنجدة إخوانكم قبل أن يجهز الطاغية وعصابات المجوس عليهم.
ألا تسمعون بكاء الأطفال ونشيج الثكالى، ألا تشمون رائحة الموت والحرائق المشتعلة في حلب؟
وتشير بأصبع الاتهام إلى أدعياء المقاومة الذين تاجروا بأعز قضايا الأمّة، وتنسبهم إى ابن العلقمي الخائن الذي سلّم مفاتيح بغداد.
وتسخر من أصدقاء الشعب السوري الذين تخلّوا عنه في يوم محنته، ومن شهود الزور الجالسين أمام مسرح الجريمة كالبلهاء بانتظار من تكون له الغلبة.
أما وقد أشرقت الحقيقة ساطعة كالشمس، ولم يبق لمعتذر عذر، فلماذا لا تنحازون لقضيّة أمتكم أيّها الآكلون من خيرات الشام وجناتها؟
وتختم قصيدتها باستنهاض همم أهل حلب، وتدعوهم للصبر والثبات، ومداواة الجراح، واستئناف الثورة على الطغاة.
*   *   *   *   *
 
أمّا الشاعرة ثريا عبد الفتاح نبوي، فهي شاعرة إسلاميّة قديرة، ولدت في القاهرة، تخرّجت من كليّة التجارة سنة 1972، أصدرت العديد من الدواوين الشعريّة منها: (عذراً حبيبي المصطفى) و(القدس: لتحضن راياتك الشهب) و(بغداد على ناي حزين) و(التراب المرتهن) و(عندما تبكي الديار) و(الشاطئ البعيد) و(العصفور الذي نسي) و(كلام من خشب).
وصفها الناقد أ. د. خالد فهمي بأنّها: شاعرة كبيرة بحكم الرصيد الرائع الراقي من الشعر الفصيح الذي أبدعته قريحتها، ونظمته ملكتها.. وهو شعر ممتد بعد القصائد والدواوين التي أنتجتها!
وقال: في شعر ثريا نبوي شعور طاغ بالانتماء، وسعي دائم نحو استعادة الروح ملتبسة بالسعادة والمجد، وهي تدرك أن سعيها هذا كامن في استعادة مجد الوطن، ورفعته وسناه. 

*   *   *   *   *

الزيارات: 1891